top of page

شيخ التشكيليين

محمد صدقي الجباخنجي

يعتبر صدقى الجباخنجى واحدا من الشخصيات المركبة والنادرة

فى مصر .

فهو رسام اكاديمى وله اهتمام بالآثار ومركز الفنون وهو ايضا صحفى

ومؤرخ ومتزوق يتحدث عن جمال الريف فى أسكتلاندا ويرسم عن الريف المصرى.

وقد لعب دورا هاما ورائدا فى الصحافة الفنية وأسس أول مجلة متخصصة

فى الفنون الجميلة (صوت الفن 1950).

ولم يكن غريبا فى تلك السنوات فقد اهتم المازنى والعقاد ومحمد حسين هيكل

بالفنون التشكيلية وكتبوا عنها وكانوا يعتبرون ذلك نوعا من الاستقلال الوطنى .

كان هذا الجيل مهتما بانشاء نقابة للفنون الجميلة ومشغولا باكتشاف الذات,

وكان صدقى الجباخنجى واحدا من هؤلاء مثله كمثل فتحى زغلول فى السياسة

ومحمد عبد الوهاب فى الموسيقى, كنت استمتع بالجلوس معه

والاستماع اليه.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

جمع الجباخنجى بين التربية والفن فهو استاذ مادة تاريخ الفن وهو رسام يتمتع بحساسية فائق.كان يخشى على المصريين من الاصابة برمد القبحولذلك اهتم هو وجيله بالفنون الجميلة وصحافتها المضطهدة وكان يثق فى قدرات المصريين ويعرف أن الطفل المصرى فى أعماقه متميز وحساس ولديه الاستعداد والنزوع الفنيين,ففي معرض  باليونسكو عن فنون الطفل المصرى فقد جمع حبيب جوركى مجموعة من أطفال القرى المصرية وتركهم يرسمون ويجربون وقام بعرض أعمالهم فى باريس ليثبت أن الطفل المصرى موهوب بطبيعته فى الفنون التشكيلية ومن هذا المعرض نشأت فكرة إقامة قرية الحرانية وتم تطبيقها .

 

فى هذا التشوه المعمارى ينشأ الطفل المصرى بعيون غير مدربة على التقاط الجمال وتحسس مواطنه ومن ثم اختلف التذوق التشكيلى . فى باريس لا توجد ارتفاعات معمارية بدون تناسب مع المبانى المحيطة وفى مصر لا أعرف من هو الذى بنى بلكونات فى المبنى التعليمى المكوت من اربعة طوابق فى مواجهة ضريح سعد والكارثة إن هذا التشويه المعتمد يتم باسم(التنظيم)!

لقد انهارت القيم الجمالية وسيطرت الاعلانات بذوقها الفج فأصحاب الشركات يكسبون كثيرا وينفقون قليلا فلا يستعينون إلا برسامى الدرجة العاشرة لرسم اعلاناتهم القبيحة واشهارها فى وجوهنا انظر للأعلان المواجه لنادى الجزيرة وغيرها تدرك أنه أصبح القبح جبروتا ناهيك عن الغبار والزحام وقلة المساحات الخضراء فالفنون التشكيلية ليست فى الكتب فقط ولكنها فى الطبيعة أيضا وهكذا أصبح -وخاصة المثقفين- يعانون جميعا من أمية العين ,حتى أن روائيا كبيرا مثل نجيب محفوظ قال مرة:" أننى حاولت شكلا جديدا فى التعبير وهو الرواية وكنت أخشى أن يكون نصيبها مثل نصيب الفنون التشكيلية".

والطريف أن نجيب محفوظ نفسه لم يهتم كثيرا بالفنون التشكيلية واذا تأملت الصورة المعلقة على حائط مكتبه لعرفت أنه غير عابىء أو مكترث بهذا القبح .

 

رحم الله صدقى الجباخنجى المعلم والفنان فقد كافح سنوات من أجل محو أمية العين وأراد أن يردم الفجوة بين الناس وفنونهم الجميلة . ولكن الحفرة كانت تزداد اتساعا وعمقا.

 

bottom of page